ماركس في سوهو - هوارد زين

         

’’ماذا لو عاد ماركس هذه الأيام؟‘‘ هذا هو السؤال المحوري الأهم الذي تقوم عليه هذه المسرحية. حاول (هوارد زين ) إعادة بعث ماركس للحياة مرة أخرى؛ حاملًا أفكاره يدلل على صحتها بعد رحيله بـ200 عام.

يقول زين في مقدمة المسرحية أنه فكَّر في إعادة ماركس مرة أخرى، ولكن بطريقة مختلفة. عاد به إلى مدينة (سوهو ) الأمريكية بدلًا من منطقة (سوهو ) البريطانية التي كان يعيش فيها ماركس وزوجته، وذلك بعد طلب ماركس العودة إلى الحياة وافتعاله الشغب هناك بعد وفاته؛ ونتيجة خطأ بيروقراطي عاد ماركس بالخطأ إلى (سوهو ) الأمريكية.. يظهر في بداية المسرحية وحيدًا يحمل كيسًا للتسوّق، يبدأ في رؤية الوضع الاجتماعي والاقتصادي للناس في هذا الزمان، ويشرع كعادته في النقد والحديث عن أفكاره والتدليل على صحة نظريته ضد أنياب الرأسمالية التي فرّغت البشرية وجعلت الإنسان مغتربًا عن ذاته وعالمه.

الحوارات مميزة ومحمّلة بأفكاره بشكل لم أرى أكثر منه سهولة وجمالًا. سيحاور نفسه وزوجته وأحد أصدقائه ويحاول الرد على الأسئلة والنقد الموجّه له ولأفكاره، ومنها: هل ماتت أفكاره؟ إن كانت ماتت فلماذا يصر منظري الرأسمالية على الحديث بشكل متكرر على اختفاء أفكاره واندثارها؟ لماذا ستظل رؤيته وأفكاره عن الاقتصاد السياسي نخبوية وصعبة على العمال والطبقات الأقل علمًا؟ ما معنى الماركسيّ الحقيقيّ؟ هل الماركسية تعني التقشُّف؟ هل ستالين وكل من اتّخذ من أفكاره ذريعة للاستبداد ماركسيًا فعلًا؟ ولماذا اقتطع الناس جملته عن الدين أنَّه أفيون للشعوب وتركوا باقي الجملة؟.  حواراته مع زوجته ونقدها له تحمل بداخلها نقدًا هامًّا لأفكاره، المتعلقة بالنسوية منها خاصة.

المسرحية صغيرة جدًّا، لكنها مكثفة وعظيمة ومهمة.. سواء كمدخل أدبي لأفكار ماركس أو كإعادة وضع ماركس داخل الأوضاع الحالية للإجابة عن السؤال: هل ماتت الماركسية؟.. يُنصح بها بشدة.



تعليقات